خلال جولة لها في شارع المتنبي التاريخي في بغداد، أعربت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أودري أزولاي عن الدعم للعراق الذي عانى عقودا من الحروب، مؤكدةً استعداد اليونسكو لدعم العراق في مجال “إعادة الإعمار”.
وفي وقت يعاني العراق من آثار التغير المناخي كالنقص في المياه الذي يطال الأهوار في جنوب البلاد المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، اقترحت أزولاي إرسال بعثة خبراء لمساعدة البلاد في مواجهة هذه “الأزمة الهيكلية”.
وقالت أزولاي خلال زيارتها لمكتبة في شارع المتنبي “خلال كل تلك السنوات من الحرب، وكذلك خلال فترة سيطرة داعش، الثقافة والتعليم هما اللذان تعرضا لتدمير متعمّد، وتمت مهاجمتهما…في بلد يعود تاريخه لآلاف السنين”.
وأضافت أزولاي “أنا هنا من أجل البحث عن هذه الهوية الثقافية، مساعدة العراق في إعادة الإعمار، ليس فقط إعمار الجدران والتراث، كما فعلنا في الموصل، بل كلّ ما هو متصل بالتراث غير المادي، كل تلك الثروة المرتبطة بالتعليم…والتي عانت كثيراً. يمكن أن نرى ذلك بسهولة في بغداد”.
وتحمل زيارة أزولاي لشارع المتنبي المشهور بمكتباته والذي افتتح في العام 1932، رمزية كبيرة، لا سيما وأنه كان هدف هجوم انتحاري أودى بحياة 30 شخصاً في آذار 2007.
“مهد الحضارات”
وقالت أزولاي “إن جروح الحرب واحتلال تنظيم الدولة، مزّقت في العمق المجتمع العراقي”، مضيفةً “لذلك فإن اليونسكو ملتزمة في الوقت الحالي في حشد المجتمع الدولي والعمل مباشرةً على الأرض”.
ومنذ العام 2018، رصدت اليونسكو أكثر من 150 مليون دولار من أجل العراق، خصصت نسبة كبيرة منها لإعادة إعمار الموصل، وفق متحدّث باسم المنظمة.
وبرفقة وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني والسفير الفرنسي إريك شوفالييه، زارت أزولاي كذلك مقهى الشابندر الذي تعرض لدمار كبير في هجوم العام 2007. وتبادلت الحديث مع مالكه الذي فقد عددا من أبنائه في ذلك الانفجار.
وفي تصريح أدلت به في المتحف الوطني في بغداد، رحّبت أزولاي بإعادة افتتاحه، معتبرةً ذلك “مبادرة استثنائية” تتيح للعائلات العراقية “التواصل من جديد مع تاريخ قديم”.
وفي انعكاس للتحديات العديدة التي لا تزال تواجه البلاد لا سيما تردي البنى التحتية، انقطع التيار الكهربائي داخل المتحف قبيل نهاية المؤتمر الصحافي.
ويضمّ العراق ستّة مواقع أثرية مدرجة ضمن التراث العالمي، وهو مهد الحضارات السومرية والأكادية والبابلية والآشورية، التي منها انطلقت الكتابة وانبثقت المدن الأولى.
ويعدّ العراق وفق الأمم المتحدة من بين الدول الخمس الأكثر عرضةً لآثار التغير المناخي، لا سيما النقص في المياه.
وقالت أزولاي بهذا الصدد “كان هذا البلد خصباً جداً وكان مهد الحضارات بسبب نهريه ومياهه”، مؤكدةً أنها اقترحت على السلطات إرسال بعثة من اليونسكو معنية بملف “إدارة الموارد المائية لتحديد السبل التي يمكن من خلالها المساعدة في إدارة هذا المورد”.
وفي وقت سابق، التقت أزولاي بالرئيس عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وتزور أزولاي الثلاثاء الموصل لتفقّد ورش تأهيل مواقع أثرية تقوم بها مؤسستها في هذه المدينة الكبيرة في شمال العراق، والتي لحق بها دمار كبير إثر معارك ضارية عام 2017 ضد داعش.
وتختم المسؤولة زيارتها الأربعاء في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، حيث تقع قلعة أربيل الأثرية المصنفة ضمن التراث العالمي.
المصدر/ رووداو