وجدان تسعى لبثّ الحياة في شوارع بغداد عبر لوحات لشخصيات شهيرة مثل زها حديد وجواد سليم والأم تيريزا والجواهري ومظفر النَّواب وبيكاسو وغيرهم

تقف وجدان الماجد أمام جدارية بيضاوية الشكل، وهي ترسم شخصية الشاعر العراقي مظفر النواب، وتتحدث إلى الجزيرة نت بالقول إن أمين بغداد المهندس علاء معن اقترح عليها في بداية الأمر أن ترسم بالقرب من كلية الفنون الجميلة ببغداد 4 جداريات، اثنتان منها لأساتذة في كلية الفنون غيبهم الموت، وكان أحدهم مشرفها في رسالة الماجستير وهو الأستاذ بلاسم محمد.
تضع وجدان الفرشاة على الجدار وهي ترسم تجاعيد الوجه للشاعر، وتكمل حديثها “في كل جدارية، أرسم شخصيتين، الأولى شخصية عربية وعلى الجهة الثانية من الجدارية نرسم شخصية أجنبية، فبدأت الناس تسأل عن هذه الشخصيات ثم تتعرف عليها أكثر، وهذا هو الهدف من الرسم على الجداريات في الأماكن العامة، أن نُعرّف الناس بتلك الشخصيات، بنفس الوقت أريد أن أحرك الوعي لدى الفرد العراقي، ليتعرف على رموز وشخصيات فنية وشعراء ومهندسين ومؤثرين في العالم”.

عمل شاق
عدا الجداريات، رسمت وجدان على عمارتين تقعان في ساحة الوثبة، عند مدخل سوق الصدرية وسط بغداد، لكن العمل فيهما كان شاقا، بحسب وصفها، إذ تقول “كان العمل على هاتين العمارتين لا يخلو من المتاعب والتحديات، فمنها المتاعب الفنية بالعمل على جدران ترتفع 16 مترا عن الأرض، ودون تخطيط أولي للوحة، ما يعني أن الرسم يجب أن يكون مباشرا على الجدران، إضافة إلى أن التوقيت الذي رسمت فيه العمارتين كان خلال شهر رمضان، والبقاء حتى ساعات متأخرة من الليل، ولكن الذي كان يشجعني للتغلب على هذه الظروف هو حُب الناس لأعمالي وسماع كلمات تشجيعية منهم، فتجعلني أفكر بالعمل أكثر وأكثر”.
الشخصيات التي جسدتها وجدان في جداريات بمناطق متفرقة من العاصمة بغداد هي كل من الفنان التشكيلي بلاسم محمد، والفنان التشكيلي ماهود أحمد، وسفيرة السلام الإيزيدية نادية مراد، والأم تيريزا، والمهندسة المعمارية زها حديد، وعالمي الاجتماع علي الوردي وماكس ڤيبر، وأيضا الشاعر محمد مهدي الجواهري، والشاعر الكردي عبد الله كوران، والنحات الشهير جواد سليم، والفنان بابلو بيكاسو، فضلا عن الشاعر مظفر النواب، والشاعر ملا عبود الكرخي.
نهضة بغداد
من جانبه، قال المهندس علاء معن المشرف على المشروع وأمين بغداد إن المشروع “جزء من نهضة العاصمة العراقية من أجل صناعة الجمال في المدينة بعد أن غيبتها الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، والتي أدت إلى خرابها مع الأسف، فجاءت فكرة الرسم على الجداريات من أجل إزاحة اللون الرمادي والغبار بسبب العواصف الترابية، فيحل مكانها ألوان البهجة والحياة”.
وأضاف “أن الفكرة لها بعدان، الأول فني والآخر ثقافي يهدف إلى رفع الذائقة الثقافية لدى المواطن البغدادي، فعندما تختار الشخصيات العالمية وليس العراقية فقط، هذا يشجع المواطن على البحث عن سيرة كل شخص، وبالتالي يكسب الثقافة والمعرفة من خلال الفن والرسم”.
وأكمل حديثه “حاولنا من خلال الرسومات أن نخلد الفنانين والعلماء والمفكرين والشعراء والباحثين، سواء أولئك الذين رحلوا أو من هم على قيد الحياة، مثل الشاعر الكبير مظفر النواب. وكل شخصية منهم كان هناك سبب لاختيارها، ومنهم مثلا شخصية الأم تيريزا والناجية الإيزيدية نادية مراد، واللتان توحيان بالتسامح ونبذ العنف، كذلك تكريم المعماريين مثل زها حديد، وبقية الأسماء العراقية والعالمية المهمة. والمشروع قائم ليشمل شخصيات أخرى على المستوى المحلي والعالمي”.
وأشار إلى أن “العمل مستمر في الأيام القادمة، وسيتم رسم شخصيات جديدة، مثل عالم اللغة العربية مصطفى جواد مع عميد الأدب العربي طه حسين، والآثاري العراقي الكبير طه باقر، وآخرين، وسنتنقل بهذه الجداريات لتشمل كافة مناطق العاصمة بغداد”.

مشاركات متعددة
لوجدان الماجد مشاركات في معارض فنية عديدة داخل وخارج البلاد، منها معرض المنستير في تونس، ومعرض الفجيرة في الإمارات، ومعرض مشترك في كل دولتي الكويت وعُمان، وهي تشارك الآن في معرض فابريانو (Fabriano) في إيطاليا للمرة الثانية على التوالي.
ولاقت الأعمال الفنية لوجدان الماجد صدى واسعا في بغداد وبقية مدن العراق، وحتى خارجه، وتعزو ذلك إلى أن أعمالها جاءت بلمسة جديدة تختلف عما اعتاده العراقيون من خلال مشاهدتهم للأعمال الفنية التي تجسد الحياة الطبيعية والزرع والأهوار.
وتنهي وجدان الماجد حديثها للجزيرة بالقول “أنا وضعتُ الخطوات الأولى للرسم على الجداريات، متأكدة هناك رسامون آخرون سيكملون المسيرة من بعدي. لقد أحببتُ حب الناس لفني أكثر من حبي أنا لفني”.
المصدر : الجزيرة